«كلوب هاوس» .. والثورة المضادة

كتب بواسطة: حماد مشعان النومسي نشر بتاريخ: السبت، 23 تشرين1/أكتوير 2021 18:30

في العام 1994 وحيث كنت أدرس في كلية الدراسات التجارية، سمعت رواية مهمة من دكتور كان يدرسني وكان من إحدى الجنسيات العربية الشقيقة، عنوان هذه الرواية أننا بعد خمس أو عشر سنوات سنكون في قلب إعصار معلوماتي عظيم، ومضمونها بكل إيجاز أنه ستتشكل لدينا ثورة في الاتصالات شرسة ومتوحشة وغير مسبوقة في وسائل التواصل.

كان يتخيل الشكل القادم لهذا الإعصار المعلوماتي ولهذه الثورة في التواصل والاتصالات، ولكن عندما أتذكر وصفه وخياله أجده نمطيا جدا بما يتواكب مع تلك الفترة، ورغم تبشيره وتنبؤه أيضا لم يصل بتصوره آنذاك لعشر معشار ما يحدث اليوم.

منذ بداية الألفية الجديدة ونحن لم نعرف الاستقرار المعرفي والمعلوماتي والتقني، في تحول وتحور مستمر وفي تسارع علمي مثير للإعجاز والإعجاب غالبا ومثير للاشمئزاز والقرف أحيانا، مقبول في جوانب كثيرة جدا ومرفوض في جوانب كثيرة جدا أيضا.

الغريب انه كلما توصلنا لنظام جديد أو طريقة جديدة للتواصل واعتقدنا أن العقل والعلم والخيال البشري لن يأتي بشيء أفضل مما تم، إذا بنا نتوصل لما هو أحدث وأفضل مما يجعلنا نعتبر سابقه بدائيا جدا، وهو فعلا ما يجعلنا نتأكد أننا أمام ثورة معلوماتية اتصالاتية كبيرة جدا.

كثير من تطبيقات التواصل الاجتماعي لدي ولدى غيري عليها الكثير من الملاحظات، ولكن أعتقد جازما أن أكثرها خطورة على الإطلاق هو تطبيق (كلوب هاوس) الذي أرى انه وإن كنا منذ بداية الألفية الجديدة في ثورة معلوماتية وتقنية فان (كلوب هاوس) في اغلبه الأعم يعتبر ثورة صوتية مضادة وثورة (بلاعيمية) تخريبية حركت كل المحاذير وغيرت كل المعايير وكشفت كل بواطن التقصير لدى الجميع بلا استثناء متحدثين ومستمعين.

قد يفهم اتهامي لمتحدثين، لأنهم قد يكونون أخطأوا في حديثهم أو تحدثوا بما لا يليق، ولكن قد يستغرب اتهامي للمستمعين والمتلقين الذين لم ينبسوا ببنت شفة قط.

وهنا أقول إن المتحدثين المسيئين وحتى المتحدثين التافهين لا يقلون سوءا وتفاهة عمن يستمع لهم لأن المستمعين هم الذين يزيدون أعداد المتابعين في «غرف» هؤلاء المسيئين والتافهين، بل انهم كمن يزيد أعداد السواد الأعظم المؤيد لهم ويضخمون يوما بعد يوم جماهيريتهم الضالة والمضلة والمضللة أيضا.

صحيح أن تطبيق (كلوب هاوس) يعطي المتحدث شعورا تفاعليا مباشرا مع الجمهور يستطيع من خلاله توصيل ما يريد بشكل مباشر ويتيح للمتلقي التفاعل أيضا، كما يعطي المسرح للفنانين ولجمهورهم ذات المشاعر التي لا توجد في شتى فروع الفن الأخرى، لكنه أيضا وسط مفتوح جدا لا تستطيع معه تحديد من تريد استقباله ممن لا تريد وكذلك قد تنشط بوسط كهذا كثير من طفيليات التخريب والاستهتار التي لا تهتم بعلم أو فن أو فكر.

كما أنه تطبيق بلا قيود بشكل مطلق وأيضا الفائدة مما يبث به وقتية، لأنه لا توثيق ولا تسجيل له غالبا ولما يتم به من نقاشات وحوارات.

وأنا بكل صراحة ورغم كل ما ذكرت أجدني متناقضا بشأنه، بل انني لم أشكل رأيا قاطعا بشأنه بعد لأنني أجد به الكثير من الغث والكثير من السمين أيضا، ومازال عندي تحت المجهر والبحث وقيد الدراسة ولم أقرر بعد هل سأستمر به أم سأهجره تماما؟

أضف تعليق

أخر المقالات

فشل سياسة «شراء الذمم».. أمريكا...

لطالما بذلت المملكة العربية السعودية جهودا كبيرة في محاولة للتغطية على جرائمها وانتهاكاتها في اليمن؛...